منذ الطفولة, نشارك جميعا في قتل رد الفعل الطبيعي للرجل وحقه في البكاء, نعلم أطفالنا ( الذكور) أن البكاء للنساء وأن الدمعة طعنة في الرجولة. والمرأة وحدها تذرف الدمع وتنوح دون أن تكون تلك تهمة مريبة لجنسها.
وإذا انصاع الرجل لمشاعره, وتجرأ على البكاء رمقته الأعين وكأنه قد ارتكب جرما لا يغتفر بتخطيه حاجز الوهم المنيع الذي يفصل الرجولة عن البكاء رغم أن البكاء عند الأقدمين كان القوة الأصيلة واستواء النفس الخالية من العقد, وسمو القلب واتساع الروح, فالدموع وبلا منازع فضيلة إنسانية سامية لا تعيب ذارفها ولا تهز في الرجل هيبة الرجولة, أو تفقده احترامه لنفسة وقيمه.
ورغم ذلك تتضارب آراء الرجال حول الدموع..
يعتقد البعض أن صعوبة بكاء الرجل تفوق كثيرا سهولة بكاء المرأة التي تذرف الدموع في أي وقت ( ولأتفه الأسباب) دون أن تهتم بتعليقات المحيطين بها, لأن الرجل لا يستطيع ذلك, لأن هذا يعني أنه ضعيف الشخصية ويتأثر بأي شيء فيفضل كتمان مشاعره وحبس دموعه,
من الذي صادر حق الرجل في البوح والفضفضة وإطلاق العنان لمشاعره حين يهزه الحزن أو يعصف به الشجن والحنين??
للرجل كامل الحق في أن يبكي ويخفف من وطأة هذا الشعور المقيت بالألم, مهما كان الألم نفسيا أو جسديا, فالبكاء حالة تعبيرية لا ترتبط بجنس معين والدمع وسيلة من وسائل التعبير,
الصورة التي علقت في الأذهان هي أن الرجل الذي يبكي إنسان ضعيف ولا يتحمل متاعب الحياة.. والحقيقة أن الرجل الذي يبكي هو القوي لأنه قادر على التعبير عن مشاعره وأحاسيسه.
الدكتور (فؤاد كامل) أستاذ الطب النفسي يرى أن التنشئة الاجتماعية الخاطئة هي التي جعلت الرجال يحبسون دموعهم يقول: إن البكاء عند الرجل مرتبط بأسلوب التربية ففي المجتمعات العربية نشجع المرأة على البكاء باعتبارها كائنا ضعيفا, ونرفض أن يبكي الرجل لأنه رمز القوة رغم أن الدموع هي نتاج حالة شعورية تحقق فوائد عدة أهمها أنها تغسل العينين وتمثل نوعا من التفريج عن مشاعر صاحبها لأن كبت الإحساس يولد متاعب نفسية وجسمية لهذا نحن ندعو الرجل لأن يبكي ويصرخ ويخرج انفعالاته ولا يخفيها.
فمن المهم أن يعبر الإنسان عن مشاعره ويتخلص من الضغوط النفسية التي يتعرض لها بوسائل مختلفة من بينها الدموع.