السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فضل الصحابة و مكانتهم
عن زر بن جيش عن عبد الله بن مسعود قال : ( إن الله نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد صلى الله و عليه و سلم خير قلوب العباد فاصطفاه و بعثه برسالته ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد فوجد قلب أصحابه خير قلوب العباد فجعلهم وزراء نبيه يقاتلون عن دينه) . و عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: ( من كان مستنا فليستن بمن قد مات ، أولئك اصحاب محمد صلى الله عليه و سلم كانوا خير هذه الامة، و أبرها قلوبا و اعمقها علما ، و أقلها تكلفا، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم كانوا على الهدى المستقيم و الله رب الكعبة). و قال الحسن يصف الصحابة رضي الله عنهم: ( أدركت صدر هذه الأمة و خيارها و طال عمري فيهم ، فوالله إنهم كانوا فيما أحل الله أزهد منكم فيما حرم الله عليكم . أدركتهم عاملين بكتاب ربهم متبعين سنة نبيهم ما طوى أحدهم ثوبا ولا جعل بينه و بين الأرض ولا أمر أهله بصنع الطعام . كان أحدهم يدخل منزله ، فإذا قرب إليه شيء أكل ، وإلا سكت فلا يتكلم في ذلك) . و لما مات أبو عبيدة اجتمع الناس و أخرج أبو عبيدة رضي الله عنه و تقدم معاذ بن جبل رضي الله عنه فصلى عليه ، ( حتى إذا به قبره دخل معاذ بن جبل و عمرو بن العاص و الضحاك بن قيس ، فلما وضعوه في لحده وخرجوا فشنوا عليه التراب ، فقال معاذ بن جبل : يا أبا عبيدة لأثنين عليك و لا أقول باطلا أخاف أن يلحقني بها من الله مقت : كنت و الله ما علمت من الذاكرين الله كثيرا ، ومن الذين يمشون على الأرض هونا و إذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ، و من الذين إذا أنفقوا لم يسرفوا و لم يقتروا و كان بين ذلك قواما و كنت و الله من المخبتين التواضعين ، الذين يرحمون اليتيم و المسكين و يبغضون الخائنين المتكبرين ) . واخرج الطبراني عن ربعي بن الحراش قال : ( استأذن عبد الله بن العباس على معاوية رضي الله عنه وقد علقت عند بطون قريش و سعيد بن العاص جالس عن يمينه ، فلما رآه معاوية مقبلا قال ، يا سعيد و الله لألقين على ابن عباس مسائل يعي بجوابها ، فقال له سعيد : ليس مثل ابن عباس يعي بمسائلك ، فلما جلس قال معاوية : ما تقول في أبي بكر ؟ قال : رحم الله أبا بكر ، كان والله للقرآن تاليا ، و عن الميل نائيا ، و عن الفحشاء ساهيا و عن المنكر ناهيا ، و بدينه عارفا ومن الله خائفا ، و بالليل قائما ، و بالنهار صائما ، ومن دنياه سالما و على عدل البرية عازما ، وبالمعروف آمرا وعليه صابرا ، وفي الأحوال شاكرا ، ولله في الغدو والآصال ذاكرا ، و لنفسه في المصالح قاهرا و فاق أصحابه ورعا و كفافا وزهدا وعفافا ، وبرا وحياطة و زهادة و كفاية ، فـأعقب الله من ثلبه اللعائن إلى يوم القيامة ، قال معاوية : فما تقول في عمر بن الخطاب ؟ قال : رحم الله أبا الحفص ، كان والله حليف الإسلام و مأوى الأيتام ومحلومحل الإيمان ، وملاذ الضعفاء و معقل الحنفاء للخلق حصنا و للناس عونا ، قام بحق الله صابرا ومحتسبا حتى أظهر الله به الدين ، وفتح الديار وذكر الله في الأقطارو المناهل وعلى التلال و الضواحي و البقاع ، وعند الخنا وقورا ، وفي الشدة والرخاء شكورا ، ولله في كل وقت وآناء ذكورا ، فأعقب الله من تنقصه اللعنة إلى يوم الحسرة ، قال معاوية : فما تقول في عثمان بن عفان ؟ قال : رحم الله أبا عمرو ، كان والله أكرم الحفدة و أفضل البررة ، وأصبر القراء ، هجادا بالأحسار كثير الدموع عند ذكر الله ، ودائم الفكر فيما يعنيه الليل و النهار ، نهاضا إلى كل مكرمة ، سعاء
إلى كل منجية ، فرارا من كل موبقة ، وصاحب الجيش و البئر ختن المصطفى (صهره) على ابنتيه فأعقب الله من سبه الندامة إلى يوم القيامة ، قال معاوية: فما تقول في علي بن أبي طالب ؟ قال : رحم الله أبا الحسن كان والله علم الهدى ، و كهف التقى ومحل الحجا ( العقل ) وطود النهى و نور السرى ، في ظلم الدجى ، وداعية إلى المحجة العظمى ، عالما بما في الصحف الأولى ، و قائما بالتأويل و الذكرى ، متعلقا بأسباب الهدى ، وتاركا للجور والأذى ، وحائدا عن الطرقات الردى ، وخير من آمن و اتقى ، وسيد من تقمص وارتدى ، وأفضل من حج وسعى وأسمح من عدل وسوى ، وأخطب أهل الدنيا إلا الأنبياء و النبي المصطفى ، وصاحب القبلتين فهل يوازيه موحد ؟! وزوج خير نساء ، وأبو السبطين ، ولم تر عيني مثله ولا ترى إلى يوم القيامة و اللقاء ، من لعنه فعليه لعنة الله و العباد إلى يوم القيامة ) .
قال : فما تقول في طلحة و الزبير ؟ قال : رحمة الله عليهما ، كانا والله عفيفين باريم مسلمين طاهرين ، مطهرين ، شهيدين عالمين ، زلازلة والله غافر لهما إن الله بالنصرة القديمة والصحبة القديمة و الأفعال الجميلة . قال معاوية : فما تقول في العباس ؟ قال : رحم الله أبا الفضل كان والله صنو أبي الرسول صلى الله عليه وسلم وقرة عين صفي الله ، كهف الأقوام ، وسيد الأعمام ، وقد علاه بصر بالأمور ونظر في العواقب ، قد زانه علم ، قد تلاشت الأحساب عند ذكر قضيلته ، وتباعدت الأسباب عبد فخر عشيرته ولم لا يكون كذلك ! . وقد ساسه أكرم من دب وهب عبد المطلب ، أفخر من مشى من قريش ، وركب ؟! . قال معاوية : فلم سميت قريشا ؟ قال : بدابة تكون في البحر هي أعظم الدواب البحر خطرا ، لا تظفر بشيء من دواب البحر إلا أكلته ، فسميت فريش لأنها أعظم العرب فعالا . فقال معاوية : هل تروي في ذلك شيئا ؟ فأنشده قول الجمحي:
وقريش هي التي تسكن البحر *** بها سميت قريش قريشا
تأكل تاغث و السمين ولا *** تترك فيها لذي الجناحين ريشا
هكذا في الكتاب حي قريش *** يأكلون البلاد أكلا( كشيشا) 1
ولهم آخر الزمان نبي *** يكثر القتل فيهم و (الخموش)2
علا الأرض خيله و رجاله *** يحشرون المطي حشرا (كميشا)3
قال معاوية : صدقت يا ابن عباس أشهد أنك لسان أهل بيتك ، فلما خرج ابن عباس من عنده ، قال معاوية : ما كلمته قط إلا وجدته مستعدا ؟! )
رحم الله الصحابة أجمعين وجمعنا معهم في اعلى عليين مع النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين وحسن أولئك رفيقا ، آمين
من كتاب ( أخلاق الصحابة )
الكاتب ( حسن علي عبد الرحمن الغردقة )
----------------------------------------------------
1(كشيشا) : أكل حتى امتلأ
2(الخموش) : الجروح
3(كميشا) : سريعا
وجزاكم ربي خيرا